يبدو التسليم بانتهاء اتفاقات التسوية في كل من محيط دمشق وريف حمص الشمالي، من خلال تحوّل التصريحات الدولية نحو الحديث عن منطقتي درعا وإدلب، والتركيز على تجنيب تلك المناطق معارك متوقعة
تتواصل عمليات «تسوية الأوضاع» التي تشهدها منطقتا الغوطة الشرقية والقلمون الشرقي، لمن بقي من المسلحين والمدنيين، كجزء من اتفاقات التسوية الموقعة، فيما يتجه طوق دمشق الجنوبي بدوره ليكون محطة لمصالحات مماثلة، بمجرد انتهاء عمليات الإجلاء من بلدات ببيلا ويلدا وبيت سحم، وختام العمليات العسكرية ضد «داعش» في اليرموك والحجر الأسود. ريف حمص الشمالي سيكون بدوره على قائمة تلك التسويات، وقد يبقى ــ وفق المعطيات حتى الآن ــ عدد كبير من المسلحين ضمنه، من دون المغادرة إلى الشمال السوري. ومع اقتراب نهاية الوجود المسلح في محيط العاصمة دمشق ومناطق وسط البلاد وصولاً إلى ريف حماة الشمالي، تتجه الأنظار إلى كل من درعا وإدلب (ومحيطهما) باعتبارهما تضمّان خطوط التماس الوحيدة بين الجيش السوري والفصائل المسلحة، عدا الخطوط المشتركة مع «داعش» ومع مناطق الوجود الأميركي والتركي.
التصريحات الدولية والأممية بدأت منذ أكثر من شهر تركّز على منطقة إدلب، وضرورة تجنّب فتح معركة جديدة فيها، في ضوء ما قد تفضي إليه معركة كهذه على الصعيد الإنساني. وبالتوازي، تعمل تركيا على هيكلة المنطقة بما يتيح سحب فتيل الحرب المفترضة هناك، بدعوى قتال «هيئة تحرير الشام» المتوافق على تصنيفها إرهابية. وفي الجنوب، تبدو روسيا حريصة على ضبط إيقاع الجبهات هناك ضمن تعاون مشترك مع الولايات المتحدة والأردن، ولكنها في الوقت نفسه تضغط لحلّ ملف الوجود الأميركي في منطقة التنف، قرب مثلث الحدود السورية ــ الأردنية ــ العراقية، والترحيب بتنسيق سوري ــ أردني حول معبر نصيب ــ جابر الحدودي. وبدا لافتاً، خلال الأيام القليلة الماضية، تسجيل نشاط لسلاح الجو السوري على أطراف منطقة «تخفيض التصعيد» في الجنوب، حيث استهدفت غارات جوية أمس تل الحارة في ريف درعا الشمالي الغربي، وقبل أيام قليلة بلدة الحراك في الريف الشرقي للمحافظة، رغم أن خطوط التماس على الأرض ما زالت تشهد هدوءاً منذ مدة طويلة. وبالتوازي مع الحرص الروسي على صمود «التهدئة» في الجنوب، مرحلياً، كان لافتاً رفض الجانب الحكومي أيّ ترحيل للمسلحين نحو الجبهات الجنوبية. وكان آخر الفصائل التي فاوضت على هذا الأمر، هو «جيش الأبابيل» الناشط في بيت سحم وببيلا، والذي سيخرج بموجب الاتفاق الجاري، مع غيره من الفصائل، نحو الشمال.
وخلال اليومين الماضيين، خرجت قافلتان مؤلفتان من نحو 45 حافلة ــ بشكل منفصل ــ من تلك المنطقة بمواكبة «الهلال الأحمر العربي السوري». ومن المقرر أن يستمر إجلاء المسلحين والمدنيين خلال اليومين المقبلين (السبت والأحد). وترافق نشاط عملية الإجلاء مع معارك عنيفة في منطقتي الحجر الأسود واليرموك المجاورتين، حيث يتقدم الجيش السوري على حساب «داعش». وبعد حصار مسلحي التنظيم في جيبين منفصلين، وسّع الجيش سيطرته في منطقة الحجر الأسود واستعاد مجمع الدوائر الحكومية،. ووفق المعطيات الميدانية، سوف يعمل الجيش على استعادة ما تبقى من كتل سكنية في قلب الحجر الأسود، ليتفرغ بعدها لتكثيف الضغط على ما تبقى في مخيم اليرموك. ورغم أن عمليات إجلاء المسلحين لم تبدأ حتى أمس (الجمعة) في ريف حمص الشمالي، فإن تسليم المسلّحين السلاح الثقيل إلى الجانب الحكومي ما زال مستمراً عبر معبر الدار الكبيرة. وحتى انتهاء تلك المرحلة، يفترض أن تكون لوائح الراغبين في المغادرة نحو الشمال قد اكتملت، ليصار إلى ترحيلهم والبدء بإجراءات «تسوية الأوضاع» للراغبين في البقاء، وعودة مؤسسات الدولة إلى المنطقة، كما فتح الطريق الدولي حمص ــ حماة. وفي ضوء وصول أعداد جديدة من المرحّلين إلى إدلب، من المسلحين والمدنيين، اعتبر المستشار الخاص للمبعوث الأممي، “يان إيغلاند”، أنه «لا يمكن أن تكون لدينا حرب في إدلب. أواصل قول ذلك الآن لروسيا ولإيران ولتركيا وللولايات المتحدة ولأي طرف قد يكون له تأثير». وحول الاتفاقات الأخيرة في محيط دمشق وريف حمص، رأى أنه «سيكون من الأفضل حمايتهم (المدنيين) حيث يوجدون، نظراً إلى أن إدلب باتت مكتظة بالنازحين الذين يقيمون في العراء وفي مخيمات مزدحمة أو في مراكز تجميع».
طائرات قتالية من الحاملة «هاري ترومان» نفذت طلعات فوق سوريا
تزامناً مع ما سبق، برز إعلان الجيش الأميركي أن مجموعة حاملة الطائرات «هاري ترومان» القتالية قد انضمت أول من أمس، إلى قوات «التحالف الدولي» الناشطة في العراق وسوريا ضمن «عملية العزم الصلب». وأفاد موقع «البحرية الأميركية» بأن طائرات حربية من المجموعة المتواجدة في شرقي البحر المتوسط نفّذت طلعات جوية فوق سوريا، من دون تحديد طبيعة تلك الطلعات أو موقعها.
وفي موازاة ما سبق، كشفت وزارة الدفاع الروسية ومصادر ديبلوماسية غربية أن وفد «منظمة حظر الأسلحة الكيميائية» قد أنهى عمله في مدينة دوما، وهو ما أكدته المنظمة في وقت لاحق. وقال المتحدث باسمها في بيان نشر على موقعها الرسمي، إن «مهمة جمع الحقائق في دوما اكتملت»، ناقلاً شكر «المدير العام لأعضاء فريق العمل على شجاعتهم ومهنيتهم». ولفت إلى أنه «ﺗﻢ ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﻌﻴﻨﺎت إﻟﻰ ﻣﺨﺘﺒﺮ اﻟﻤﻨﻈﻤﺔ ﺣﻴﺚ ﺳﻴﺘﻢ ﺗﻘﺴﻴﻤﻬﺎ ﺛﻢ إرﺳﺎﻟﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﻤﺨﺘﺒﺮات اﻟﻤﺨﺘﺼﺔ… وقد يستغرق تحليل العينات ما لا يقل عن ثلاثة إلى أربعة أسابيع».