
أستراليا تسابق الزمن – استراليا
تقف أستراليا عند مفترق طرق اقتصادي مهم، حيث تسعى للاستحواذ على جزء كبير من الاستثمارات الأمريكية الهائلة في مجال الذكاء الاصطناعي.
وتطمح البلاد إلى أن تصبح مركزًا عالميًا لهذه التقنية، مستفيدةً من موقعها الاستراتيجي وعلاقاتها القوية مع واشنطن.
ورغم هذه الطموحات، تواجه أستراليا عقبات قانونية وتنظيمية معقدة
مثل قوانين حقوق النشر الصارمة والتغيرات المحتملة في السياسات الأمريكية
لا سيما مع احتمال عودة إدارة ترامب.
المنافسة بين نيو ساوث ويلز وفيكتوريا
في ظل التنافس الشديد بين ولايتي نيو ساوث ويلز وفيكتوريا على جذب الاستثمارات الأجنبية، برزت مراكز البيانات كمجال رئيسي للنمو.
فهذه المرافق تعد عنصرًا أساسيًا لتطوير الذكاء الاصطناعي وتعزيز البنية التحتية الرقمية.
ومع ذلك، لا تزال الإجراءات التنظيمية البطيئة تشكل تحديًا أمام تدفق رؤوس الأموال إلى هذا القطاع.
وأشار دانيال موكي، وزير الخزانة في نيو ساوث ويلز، إلى التزام الولاية بدعم الاستثمارات
موضحًا أن جزءًا كبيرًا من التمويل في المشاريع الكبرى يذهب إلى البنية التحتية للطاقة والبيانات.
وأضاف: “يجب علينا تسريع دمج هذه الصناعات التحويلية في اقتصادنا”.
اهتمام عالمي بأستراليا كمركز تقني
في نيويورك، اجتمع كبار المستثمرين لمناقشة الفرص المتاحة في أستراليا
مما عزز جاذبيتها كوجهة رئيسية لشركات التكنولوجيا الأمريكية.
وتشير التقديرات إلى أن أربع شركات كبرى ستنفق أكثر من 600 مليار دولار على الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2025، مع تخصيص جزء كبير من هذه الاستثمارات لمراكز البيانات.
وأوضح جاريد كوهين، رئيس الشؤون العالمية في غولدمان ساكس
أن هذه التقديرات قد تكون متحفظة، مشيرًا إلى أن حجم الاستثمار الفعلي قد يكون أكبر بكثير.
وأضاف: “لم نشهد من قبل تدفقات استثمارية بهذا الحجم في فترة قصيرة كهذه”.
تحديات تنظيمية تهدد الاستثمارات
ورغم أن أستراليا تُعد من بين 18 دولة فقط حصلت على تصنيف “شريك من الدرجة الأولى” في علاقتها التقنية مع الولايات المتحدة
فإن القوانين المحلية قد تعيق جذب الاستثمارات.
وحذر رايان براون، رئيس تمويل البنية التحتية في “أوبن أيه آي”، من أن قوانين حقوق النشر الصارمة ولوائح الخصوصية قد تدفع الشركات إلى البحث عن أسواق أكثر مرونة.
وقال: “بدون إطار عمل واسع للاستخدام العادل كما هو الحال في الولايات المتحدة، قد تجد الشركات صعوبة في التعامل مع المشهد التنظيمي هنا”.
وأكد أن السنوات الثلاث المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مسار استثمارات البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، مشددًا على ضرورة وضع لوائح تنظيمية واضحة لتسهيل تدفق رأس المال.
المنافسة الجيوسياسية وتأثيرها على أستراليا
إلى جانب التحديات القانونية، يواجه قطاع التكنولوجيا في أستراليا تهديدات من التحولات الجيوسياسية.
فقد اقترحت ميغان أوسوليفان، أستاذة السياسة العامة في جامعة هارفارد
أن إدارة ترامب المحتملة قد تستخدم تصنيف “الشريك من الدرجة الأولى” كورقة تفاوض مع دول أخرى
مما قد يؤثر على موقع أستراليا في الاستثمارات التقنية.
وأشار كوهين إلى أن دولًا مثل السعودية وقطر والإمارات تستثمر بقوة في الذكاء الاصطناعي
مما يزيد من حدة المنافسة. وقال: “هذا سباق حاسم خلال العقد المقبل
لكن أستراليا تمتلك ميزة استراتيجية قد تمنحها تفوقًا جيوسياسيًا في هذا المجال”.
“دبلوماسية مراكز البيانات” لجذب الاستثمارات
مع تزايد أهمية مراكز البيانات في بنية الذكاء الاصطناعي، دعا كوهين إلى تبني نهج استباقي عبر ما أسماه “دبلوماسية مراكز البيانات” لجذب المزيد من الاستثمارات.
وأضاف: “البيانات قد تكون النفط الجديد، لكن على عكس النفط، فإن مواقع مراكز البيانات تحددها السياسات وليس الطبيعة”.
ورغم التحديات التنظيمية والجيوسياسية، نجحت أستراليا في استقطاب استثمارات ضخمة في مجال الذكاء الاصطناعي.
وأوضح ماثيو أهيرن، رئيس البنية التحتية الرقمية في “بلو أوول كابيتال”، أن شركته استثمرت ملياري دولار في مركز بيانات بمدينة ملبورن، وتم تنفيذ المشروع في وقت قياسي.
مستقبل استثمارات الذكاء الاصطناعي في أستراليا
في النهاية، سيعتمد نجاح أستراليا في ترسيخ مكانتها كمركز عالمي للذكاء الاصطناعي على قدرتها على تخفيف القيود التنظيمية، وتعزيز بيئة أعمال جاذبة، واستغلال ميزاتها الجيوسياسية للبقاء وجهة مفضلة لعمالقة التكنولوجيا الأمريكيين.