لن يكون “كأس الحكم” حلو المذاق وسلسا بالنسبة لحركة طالبان التي فاجأت العالم يوم الأحد بسيطرتها على العاصمة الأفغانية بعد نحو 20 سنة من العزلة، فعيون المجتمع الدولي ترصد تحركاتها، لا سيما أن تاريخها لا يبشر بالخير على الرغم من كافة التطمينات والرسائل التي حاول قادتها بثها خلال الأيام الماضية لتهدئة الرأي العام الدولي والمحلي أيضا.
فأمام الحركة العديد من التحديات، بدءا من الفوضى التي لا تزال تعم العاصمة كابل، لا سيما محيط المطار حيث تدفق آلاف المواطنين سعيا للخروج من البلاد باتجاه الولايات المتحدة وغيرها من البلدان، مرورا بالتحديات الاقتصادية مع تأكيد الإدارة الأميركية حرصها على عدم وصول الحركة لأموال الدولة في الخارج أو للسلاح الأميركي المتواجد على الأراضي الأفغانية، وصولا إلى الاعتراف الدولي المشروط.
هذا ما كشفه محافظ البنك المركزي
فأمس الأربعاء، كشف محافظ البنك المركزي الأفغاني أن البلاد لديها احتياطيات في الخارج بقيمة 9 مليارات دولار، لكن ليس نقدا ماديا داخل البلاد بعد أن أمرت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بتجميد احتياطيات الحكومة الأفغانية الموجودة في حسابات مصرفية أميركية يوم الأحد.
كما أوضح أجمل أحمدي بتغريدة على تويتر، أن غالبية تلك الأموال أي حوالي 7 مليارات دولار محتجزة بشكل سندات وأصول وذهب في البنك الفيدرالي الأميركي، مضيفا أن حيازات المركزي الأفغاني من الدولار باتت “قريبة من الصفر” لأن البلاد لم تتلق شحنات نقدية كانت مقررة الأسبوع الماضي.
وأضاف “الشحنة لم تصل أبدا. يبدو أن شركاءنا كان لديهم معلومات استخباراتية جيدة عما سيحدث”، في إشارة إلى توقع واشنطن سقوط العاصمة كابل.
إلى ذلك، رأى أن طالبان ربحت عسكريا لكنها الآن عليها أن تتسلم الحكم، وهو أمر ليس باليسير أو السهل!
بدوره، أعلن صندوق النقد الدولي أنه علّق المساعدات المرصودة لأفغانستان بسبب الضبابية المحيطة بوضعية القادة في كابل بعد سيطرة طالبان على البلاد. وقال متحدّث باسم الصندوق لوكالة فرانس برس، إن الهيئة المالية “تتبع رؤى المجتمع الدولي”، مضيفا “هناك حالياً عدم وضوح لدى المجتمع الدولي بالنسبة للاعتراف بحكومة تشكل بظل الوضع الحالي، وبالتالي لا يمكن لهذا البلد أن يستفيد من حقوق السحب الخاصة أو غيرها من موارد صندوق النقد الدولي”.
انتفاضة العلم مستمرة
ستمر بعض المسيرات في أفغانستان، وسط جو من القلق والخوف الذي خيم على البلاد، منذ سيطرة حركة طالبان، ودخولها العاصمة يوم الأحد الماضي.
فبمناسبة عيد الاستقلال الذي يصادف اليوم الخميس، رفع عدد من المواطنين الأفغان علما ضخما وسط العاصمة كابل متحدين راية طالبان.
كذلك عمد معارضون للحركة في مدينة أسد آباد، عاصمة إقليم كونار الواقع في شرق البلاد، إلى رفع العلم الوطني مقابل راية طالبان البيضاء.
فيما أكد شاهد عيان أن عدة أشخاص لقوا حتفهم في المدينة الأفغانية المذكورة، بعدما أطلق مقاتلو طالبان النار على أشخاص يلوحون بالعلم.
كما أضاف الشاهد، ويدعى محمد سالم، بحسب ما نقلت وكالة رويترز، أنه لم يتضح إن كان الضحايا سقطوا جراء إطلاق النار أم التدافع الذي أعقب ذلك.
يشار إلى أن تلك الاحتجاجات التي يشارك فيها أشخاص يلوحون بالعلم الأفغاني، بعد تمزيق رايات طالبان البيضاء في بعض الأحيان، تعد بحسب وسائل إعلام محلية، أول مؤشرات على معارضة شعبية للحركة بعد تقدمها المذهل في أنحاء البلاد وسيطرتها على العاصمة يوم الأحد.
كذلك في كابل رفع عدد من النسوة يافطات تطالب بالحفاظ على حقوقهن.
قمع ورصاص
وأتت تلك المسيرات بعد احتجاجات أخرى أمس الأربعاء في مدن مختلفة، لا سيما في جلال أباد شرقي البلاد، حيث جوبهت بالقمع وإطلاق الرصاص، بحسب ما أفادت وكالة أسوشييتد برس.
غير أن عناصر طالبان لم يعترفوا بقمعهم العنيف للاحتجاجات أمس الأربعاء في جلال أباد، حيث عمد المحتجون إلى إنزال علم طالبان واستبداله بعلم أفغانستان ثلاثي الألوان.
وفيما تستمر حالة القلق في البلاد، حثت الحركة الناس على العودة إلى العمل، إلا أن معظم الموظفين والمسؤولين الحكوميين ظلوا مختبئين في منازلهم، بينما حاول بعضهم الفرار من البلاد.